تأثير القوى الصاعدة على المكانة العالمية للاقتصاد الأمريكي

number: 
1691
عربية
Degree: 
Author: 
أنس رياض جواد
Supervisor: 
أ.د. عبد علي كاظم المعموري
year: 
2013

بدأ المشهد العالمي بالتغيّر مع دخول العالم القرن الواحد والعشرين، فعلى الرغم من أنّ الولايات المتّحدة الأمريكية، وأوروبا واليابان تبقى في قائمة القوى الاقتصادية الرئيسة اليوم، إلا أنه لا يمكن التشكيك بفكرة أنّ القوى الصاعدة (الصين والهند)، قامت بتحويل تأثير صعودها إلى مستوى القوّى الرئيسة، وبالتالي فمن الممكن أن يشهد القرن الواحد والعشرون مزيداً من التنافس الدولي على القوّة والموارد، وقد يغيّر الصعود المحتمل للصين والهند الى مصاف القوى العالمية الرئيسة المشهد الجيو-سياسي والاقتصادي العالمي، كما فعلت ألمانيا في القرن التاسع عشر والولايات المتّحدة في القرن العشرين، فضلاً عن موقع الولايات المتّحدة في الحقبة الحالية والخيارات القائمة أمامها للتعامل مع القوى الصاعدة على المستوى الدولي.ويكمن التحدي بأزاء الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الأطار، بأمكانية بزوغ نظام عالمي جديد وهيكلية عالمية جديدة حاكمة، ومؤسسات دولية عصرية تعكس الحقائق والوقائع والتطورات العالمية، وتستطيع مواجهة التحديات العالمية الجديدة، فالدول الخمس الدائمة العضوية (بأستثناء الصين) في مجلس الأمن، مثّلت المنتصرين بعد الحرب العالمية الثانية، لكنها لم تعد اليوم وبعد حوالي أكثر من 60)) عاماً من ذلك الوقت، القوى الوحيدة الأكثر قوّة أو الأكثر أهمية على الساحة العالمية.كما إن عناصر "القوّة الرئيسة" عادة ما تتضمّن مجموعة من العناصر والقدرات المندمجة مع بعضها بعض، مثل الثروة والقدرة على التأثير، ولم تعد القوة مطلقة كما هو الحال بعد الحرب العالمية الثانية، بل أضحت نسبية، طالما أن موازين القوة قد تعددت وتغيرت. لاسيما في ظل التأكل الذي اصاب بعض جوانب القوة الأمريكية.وبينما تقوم القوى الصاعدة بالسعي إلى الأنخراط في المؤسسات الدولية، والى بناء علاقات أيجابية ليس مع الولايات المتّحدة الأمريكية فقط، بل فيما بينها، سيكون من الصعب على الولايات المتّحدة إنشاء اصطفافات من شانها أن تعزل القوى الصاعدة.
وأن تقدير البعد المتعدد لنهوض القوى الصاعدة، هو أمر ضروري، فالتحدي الأساس للولايات المتّحدة الأمريكية يتاتى من الصين والهند خاصة ، ولا يكمن في البعد العسكري بل في الأبعاد الأخرى الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية.وبعد إن استطاع الاقتصاد الصيني النمو بنسبة 9%)) سنويا على مدى أكثر من عقد من الزمن، وبحلول العام (2050) من المتوقّع أن يبلغ حجم الاقتصاد الصيني أضعاف ما هو عليه الأن ليتجاوز اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية ويتربع كأكبر أقتصاد في العالم. على الرغم من أنّ الولايات المتّحدة ستبقى الأغنى إذا ما تمت مقارنة الناتج المحليّ الإجمالي إلى عدد السكّان. وفيما يتعلّق بالاقتصاد الهندي، فقد نما هو الأخر بمعدّل (7%) سنوياً خلال العقد الأخير، ونظراً للنمو الاقتصادي الهائل للبلدين الصاعدين (الهند والصين)، فقد شهد العالم نقلة في السيطرة الاقتصادية من الهيمنة العالمية على الاقتصاد من قبل الولايات المتّحدة وأوروبا إلى آسيا والمحيط الهادئ.وللتداخل بين المتغيرات السياسية والاقتصادية العالمية، فأن المتابع لسياسات القوى الصاعدة، بعدما حققته من انجازات اقتصادية، يلحظ أتباعها للدبلوماسية التي تعتمدها القوى العظمى ذاتها. فالقيادة الصينية ترى أن الوقت قد حان, لكي تأخذ الصين نصيبها المستحق عن جدارة من المكانة الدولية المناسبة لوضعها الاقتصادي المتميز، كونها ثاني أكبر قوة اقتصادية في عالمنا المعاصر, فهي لا ترغب في الوقوع بخطأ اليابان التي ظلت تعاني من تصنيفها كعملاق اقتصادي وقزم سياسي. كما تتبع الهند من جانبها أيضا صيغة التوازن التى تعد من تقاليد الدبلوماسية الهندية فى علاقاتها مع القوى الكبرى فى العالم.إن السياسة الأمريكية تركز على هدف لا يكمن في منع القوى الأخرى من النهوض وإنما في تقوية الآليات التي تستطيع تدوير التأثيرات الناجمة عن إعادة توزيع القوى في العالم. كما ان عليها الانخراط مع هذه القوى لجعلها شريكاً في تحمّل المسؤولية العالمية، وفي توسيع نطاق التعاون الدولي، وباستطاعة الولايات المتّحدة في ذات الوقت أن تعمل على تقوية قدرتها التنافسية.