تعاني الدولة العربية أزمة حكم لازمت سياق تطورها السياسي منذ الاستقلال بالرغم من كل محاولات التغيير والتحديث والدمقرطة التي شهدتها وحاولت إدخالها على بنيتها السياسية، إذ عجزت تلك البرامج والسياسيات عن تعزيز وتطوير الحياة السياسية كونها جاءت بمحاولات جزئية أو شكلية أو ظرفية لم تمس جوهر المشكلة وأبعادها الحقيقية ولم تتوصل إلى تأسيس مجال سياسي حقيقي وحديث مبني على مقتضى السياسة المدنية المعاصرة.من الطبيعي ان اي نظام سياسي يعتمد بشكل كبير على الشرعية التي يعطيها الشعب له من خلال الأنتخاب, بالتالي فأن الشرعية من المفاهيم الأساسية في علم السياسة باعتبارها الرضا أو القبول العام للنظام السياسي كونها موافقة الشعب الخاضع لسلطة معينة على ممارسة هذه السلطة لمهامها من اجل تحقيق اهداف الشعب وهنا يتشكل مبدأ القبول والطاعة كأساس لشرعية أي نظام ومهما تمتع النظام السياسي بالقوة والسلطة فانه دون رضا شعبي بدرجة مقبولة يعتبر سلطة استبدادية من دون أي مسوغ ولذلك فان أي سلطة ومهما كانت قوتها ودرجة استبدادها بحاجة الى قبول وطني ورضا شعبي من كافة الشرائح الاجتماعية مع التركيز على الفئات الاجتماعية الأكثر تأثيرا وفاعلية.ان الشرعية هاجس ملازم لأي حاكم سياسي لكونها القوة التي يستند عليها النظام مقابل خصومه الآخرين وقد تستند المعارضة في مواجهتها للسلطة الحاكمة على نفي شرعيتها أو حتى التشكيك بشرعيتها أو الانتقاص منها وكلما ظهرت الاضطرابات وعاشت البلاد في اضرابات ومظاهرات وأعتصامات أو دعوات للانفصال أو مطالبات بالتقسيم الفيدرالي أو الكونفدرالي تأثرت سلبا شرعية النظام وفقد جزءا من طاعة مواطنيه وربما يصل الامر لرفضهم له وفي نهاية الامر قد تتمكن المعارضة من تغيير النظام الحاكم وعلى النقيض من ذلك كلما استقرت البلاد اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا تمتع النظام السياسي بالشرعية.لذلك فأن بقاء النظام السياسي مرهون بمدى شرعيته فكلما كانت مؤسساته تعمل بشكل طبيعي وتنفذ مطالب الشعب وتعمل السلطات الثلاثة (التشريعية ,التنفيذية ,القضائية) بشكل منفصل وبدون تدخل من أي سلطة اخرى تزداد شرعيته ,وان بحثنا قد تناول حالة مصراذ لاحظنا بأن النظام الحاكم في مصر بدأ يفقد شرعيته بصورة تدريجية بسبب تدهور الحالة الاقتصادية وتدهور الحالة السياسية وكذلك التداخل في عمل السلطات وازدياد العنف السياسي.