يعد الفساد من الظواهر الاقتصادية التي لها تداعيات خطيرة على الدول سواء الدول المتقدمة او النامية وإن اختلف حجمه وآثاره فهو موجود في كل مكان وزمان وكل صناع السياسة الاقتصادية في تلك الدول وضعوا الفساد في اولويات اهتمامهم للحد منه سبيلاً لتحقيق النمو والتنمية لاقتصادية.فالفساد بكافة اشكاله له اثار خطيرة على مجمل البناء العام للدولة والمجتمع، ويتعاظم الفساد في الدول التي تمر بظروف صعبة اكثر من غيرها ، ويعد العراق احد تلك التي الدول التي مرت بظروف صعبة جداً خاصة ومنذ ثمانينات وتسعينات القرن الماضي الا انه تعاظم على اثر دخول القوات الامريكية الى العراق في نيسان عام 2003 ، اذ شهد العراق مرحلة الانتقال المضطرب على الصعيدين السياسي والاقتصادي وتخللت تلك المرحلة تدهور امني وحرب اهلية وقتل على الهوية وتهجير طائفي وانعدام سيادة القانون والنظام وهيمنة المليشيات المسلحة على كل مفاصل الدولة وانهيار مؤسسي كبير ومحاصصة مقيتة كل تلك الظروف هيئة بيئة خصبة لاستشراء ظاهرة الفساد وتزايدها واستدامة وجود حواضن لها ساعد على استمراريتها الى الان لكن بنسب متباينة خاصة بعد ان شرعت الحكومة العراقية الى اتخاذ خطوات حقيقية باتجاه الحد منه منذ عام 2008 .وعليه فان العراق في اطار الانتقال الى الديمقراطية واقتصاد السوق وبدء عملية التنمية واعادة البناء فانه يعاني من مشكلات كبيرة خاصة في الجانب التمويلي فهو يعاني من مديونية كبيرة قدرت بــ(127) مليار دولار فضلاً عن تعويضات ضخمة قدرت بــ( 300 مليار دولار) وفي ذات الوقت هو بحاجة الى متطلبات اعادة اعمار والبناء وهنا نشير الى حتمية التعامل مع الاستثمار الاجنبي المباشر باعتباره الحل الوحيد للنهوض بالعراق واقتصاده المتردي فلا احد ينكر ما للاستثمار الاجنبي من دور ومساهمة ( اذ احسن التعامل معه ) ، في تحقيق النمو والتنمية الاقتصادية ، وان ادراك تلك الحقيقة تتطلب منا ان نرسي دعامات واسس ومرتكزات البيئة الجاذبة للاستثمار الاجنبي على كافة الصعد السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية لان قوة وسلامة تلك المرتكزات هي التي تولد الثقة عند المستثمر الاجنبي لاتخاذ قراره الاستثماري من عدمه .فالمستثمر الاجنبي يريد منظومة الاستقرار الكلي داخل الدولة المستهدفة بالاستثمار فيها ، وهنا نشير الى ((ان هناك علاقة بين الفساد والاستثمار الاجنبي المباشر وهي علاقة غير مباشرة تتم من خلال الدور السلبي للفساد في نخر منظومة الاستقرار الكلي للدولة والمجتمع وبالتالي ضرب المرتكزات التي يستند اليها المستثمر الاجنبي في تقيمه للمناطق المستهدفه لتوجيه استثمارته فيها وبالتالي كلما كانت معدلات الفساد مرتفعة في دولة ما ترتب على ذلك تداعيات تتمثل في انخفاض درجة الاستقرار الكلي في البلد يقابله تدني درجة ثقة المستثمر الاجنبي في هذا البلد وبالتالي يؤثر سلباً على قراره الاستثماري والعكس صحيح)) .