إن الأسلحة النووية ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية كأحد عناصر قوة الدولة على الصعيدين السياسي والعسكري، وغدت من المتغيرات الأساسية في العلاقات السياسية الدولية، وفي الإستراتيجيات العسكرية للدول، حيث أصبح للسلاح النووي دور رئيسي في صياغة إستراتيجيات عسكرية جديدة تتناسب مع طبيعة هذا السلاح وآثاره التدميرية، وكان لكل مرحلة من مراحل الصراع النووي إستراتيجياتها النووية التي تختلف عن ما سبقها من مراحل.وفي الوقت الذي تميزت فترة الصراع النووي خلال الحرب الباردة بالقطبية الثنائية من حيث هيمنة الدول العظمى على الصراع سواء من خلال حيازتها المباشرة للأسلحة النووية، أو التأثير في الدول الحائزة أسلحة نووية التابعة لأحد القطبين، تغيرت خارطة القوى النووية بعد الحرب الباردة، إذ ظهر على الساحة الدولية لاعبون جدد في الصراع النووي، فرضوا تهديدات من نوع مختلف ترتبط بالغايات السياسية من حيازة هذا النوع من الأسلحة، والمؤهلات الفنية والعسكرية والسياسية اللازمة للسيطرة والتحكم بهذه الأسلحة وتجنب سوء استخدامها.لقد شهدت فترة ما بعد الحرب الباردة تطورا ملحوظا على صعيد السياسات والإستراتيجيات النووية، سواء على مستوى الدول أو المنظمات الدولية، وقد تركزت هذه التطورات حول التهديدات المستقبلية التي اتسمت بالغموض وعدم التأكد مقارنة بما كانت عليه خلال الحرب الباردة، وقد انعكس ذلك بصورة أو بأخرى على وظيفة الأسلحة النووية التي تبرر بقاءها وتطويرها، وتفرض على القوى الحائزة أسلحة نووية والمجتمع الدولي بشكل عام إعادة تقييم المخاطر والتهديدات النووية، ووضع إستراتيجيات جديدة للتعامل معها.