مستقبل القطبية الأحادية الأمريكية في ظل تحولات النظام السياسي الدولي

number: 
1641
عربية
Degree: 
Author: 
مهند حميد عباس الراوي
Supervisor: 
الأستاذ الدكتور فكرت نامق عبد الفتاح العاني
year: 
2012

منذ عام 1991، تم إسدال الستار على المشهد الأخير من العلاقات الدولية المحكومة بالثنائية القطبية، اذ تم الإعلان عن نهاية الحرب الباردة بتفكك الاتحاد السوفيتي رسميا ينهاية ذلك العام، وولادة المشهد العالمي "الجديد" المحكوم بالرؤى والممارسات الأحادية للنظام الدولي في طوره الأمريكي .وأدى التطور التكنولوجي الأمريكي أيضاً إلى انفراد الولايات المتحدة بالتخطيط الأستراتيجي، واتخاذ القرارات السياسية من دون استشارة كافية من باقي حلفائها الأوربيين، وصاحب ذلك ظهور مصالح جديدة للولايات المتحدة في اتجاهات جديدة، ومنها اتجاهها إلى العمل العسكري منفردة وإن كان ذلك يتم تحت غطاء الشرعية الدولية في أحيان كثيرة .وقد تم ذلك بالاعتماد على مجموعة من الأفكار والاستراتيجيات والنظريات التي ظهرت بعد الحرب الباردة التي عدت بحق المرجعية الفكرية للقطبية الاحادية الامريكية ، اذ ان لهذه النظريات والافكار والاستراتيجيات الدور الكبير، فضلا على المفكرين الاستراتيجيين وغير الاستراتيجيين ، في هيمنة الولايات المتحدة وتربعها على قمة النظام السياسي الدولي بعد الحرب الباردة ، لاسيما ان الولايات المتحدة تتمتع بوجود كثير من المراكز الفكرية التي يعمل بها هؤلاء المفكرون ، فضلا على انهم قد عملوا في مدة من حياتهم في كثير من مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة ، و ان هذه المراكز ، بما فيها مفكريها الذين ينتمون اليها ، هم في الغالب مرتبطين بمراكز صنع القرار ، اذ ان ما يتم تكليفهم غالباً من الحكومة الامريكية لأعداد تقارير استراتيجية توضح الطريق لدى صانع القرار ، فهذا كله يعمل على ديمومة الولايات المتحدة وبقائها وتفردها على قمة الهرم الدولي .فضلا على تغلغل مجموعة المحافظين الجدد في السلطة منذ مجيء الرئيس الامريكي الاسبق ريغان الى السلطة ومن ثم سيطرتهم على السلطة بشكل كامل مع استلام الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن للسلطة ، اذ تركزت افكارهم على بقاء الولايات المتحدة منفردة ومهيمنة على النظام الدولي ، فضلا على انها غالبا ما كانت تروج لهيمنة الولايات المتحدة الخيرة على النظام الدولي ، فضلا على منع أية قوة دولية معادية من الصعود الى قمة النظام الدولي ومن ثم مزاحمة الولايات المتحدة عليها ، هذه المجموعة كان لها دور في الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة في اثناء مدة ولايتي الرئيس بوش الابن ولاسيما حربي العراق وافغانستان .فهذه الامور كلها كانت تشكل بدورها مرجعية فكرية يعتمدها صانع القرار في سياسته الخارجية على صعيد انظام الدولي ، ومن ثم بقاء القطبية الاحادية بصورتها الامريكية مهيمنة على النظام الدولي . لم تكن هذه المرجعية الفكرية لتصل الى هذا الحد من التأثير لولا وجود مجموعة من مقومات القوة المادية التي استندت عليها الولايات المتحدة الامريكية في فرض قطبيتها على النظام الدولي. هذه المقومات سواء ما كان منها على الصعيد الداخلي او على الصعيد الخارجي،التي تمكنت الولايات المتحدة من امتلاكها وساعدت الظروف الدولية على امتلاكها ، اذ ساعدت كلها على بقاء النظام الدولي في هيكليته واستقراره على القطبية الاحادية الامريكية .اذ خرجت الولايات المتحدة الامريكية من الحرب الباردة منتصرة ، عبر اقوى اقتصاد في العالم ، سواءً من حيث الناتج القومي الاجمالي الذي كان هو الاعلى ، او من حيث متوسط دخل الفرد العالى ، الذي هو كذلك الأعلى في العالم ، فضلا على هيمنتها على ثالوث الاقتصاد الدولي ( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ) ، التي تعد ركائز أساسية للأقتصاد الامريكي على مستوى النظام الدولي ، فضلا على الشركات المتعددة الجنسيات التي تعد إخطبوطا في فضاء الاقتصاد العالمي ، فضلاً عن المكانة العالمية للدولار اذ عملت الولايات المتحدة على ربط الأقتصاد العالمي بالدولار الامريكي عبر نظام بريتون وودز فضلاً على هيمنتها على كثير من مصادر الطاقة في العالم التي تساعد على ديمومة قطبيتها على النظام الدولي . فضلا على قوتها العسكرية التي لا تظاهيها قوة عسكرية في العالم ، اذ استطاعت ان تخرج من الحرب الباردة بترسانة عسكرية وحافظت عبرها على هيمنتها بشكل مطلق على النظام الدولي من الناحية العسكرية ، اذ انها الدولة الأعلى في العالم من حيث الأنفاق العسكري ، فضلا على ترسانة نووية متطورة كبيرة جدا. و ذراع عسكري خارجي يعد الذراع الاساسية في هيمنتها على النظام الدولي ، الا وهو حلف شمال الاطلسي ، الذي تعتمد عليه في مهماتها العسكرية .فضلاً على قدرة تكنولوجية عالية سواء التقنية منها او المعلوماتية التي استطاعت عبرها ان تسيطر على الاعلام العالمي عن طريق قدرتها المعلوماتية العالية ، فضلا على تقنيتها الملموسة سواء المدنية منها او العسكرية والتي وصلت الى حد التعامل مع النانو تكنولوجي وهي ادق التفاصيل في التقنية العالية .كل هذا يدعمه قرار سياسي على صعيد النظام الدولي سواء من حيث تمرير وتنفيذ قراراتها او من حيث عرقلة قرارات القوى الاخرى ، وذلك من خلال امتلاكها لمقعدها الدائم في مجلس الامن ، والذي يعد من المقومات الاساسية لديمومة هيمنتها على النظام السياسي الدولي .كل هذه المقومات ، لا تمنع من وجود تحديات تعرقل ديمومة قطبيتها ، سواء ما كان منها على المستوى الداخلي او على المستوى الخارجي ، او حتى على مستوى تدخلاتها في العالم والتي بدورها تقوض من قدرتها على البقاء مهيمنة في النظام الدولي ، اذ انها تعاني من داخلية متمثلة بالتحديات على المستوى الاقتصادي وكذلك التحديات على المستوى الاجتماعي ، فضلا عن ان هناك تحديات اسميناها تحديات خارجية ذاتية، لأنها تقع خارج الولايات المتحدة الامريكية ، والتي تمثلت في حربي افغانستان عام 2001 والعراق عام 2003 .هذا فضلا عن التحديات الخارجية التي تواجه الولايات المتحدة الامريكية على صعيد النظام الدولي من خلال بروز وصعود القوى الكبرى ، والتي تنافس الولايات المتحدة وتزاحمها على قمة النظام الدولي مما يجعل النظام الدولي في قمته اكثر اتساعا .وهذا بدوره يجعل النظام الدولي يخضع لتحولات ربما تؤدي الى تغيير في هيكليته ، والذي يدفعنا الى عرض وطرح الاحتمالات التي من المتوقع ان يؤول اليها النظام الدولي في المستقبل ووبالتالي ترجيح اكثرها واقربها الى الصحة .