الأحزاب السياسية والإصلاح السياسي في الاردن

number: 
1557
عربية
Degree: 
Author: 
خلف صالح علي عبدالله الجبوري
Supervisor: 
الأستاذ المساعد الدكتور هشام حكمت عبد الستار العزاوي
year: 
2012

يعتبر الاصلاح السياسي احدى الوسائل المهمة التي تستخدم من اجل احداث تقدم في العملية السياسية نظراً لوجود عوامل تقتضي اجراء هذا الاصلاح والتحديث، وفي النظم الديمقراطية تعتبر عملية الاصلاح السياسي من اهم الاليات التي تستخدم من اجل احداث تغييرات في النظام السياسي بشكل سليم، وهذه العملية تتم بعد مدة زمنية من الممارسة السياسية، اذ تحدث تطورات داخل المجتمع ، وهذه التطورات تنعكس بالضرورة على الواقع السياسي، مما يستدعي معه اجراء اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، حيث ان الاصلاح والتحول الديمقراطي يجب ان يشمل جميع الانظمة التي يستعين بها الانسان في تنظيم مجتمعه سياسيا واقتصاديا وفكريا ودينيا ونفسيا. وعليه فهذه العملية تتضمن ثلاثة ابعاد سياسية وهي الجانب التقني والجانب التنظيمي والجانب السلوكي، حيث ان كل جانب فيه تمايز بين المجتمعات، فالجانب التقني يتضمن عملية التصنيع وعليه يجب التمييز بين المجتمعات الصناعية وغير الصناعية. والجانب التنظيمي يعكس التنوع والتخصص وفيه يتم التمييز بين المجتمعات البسيطة والمعقدة، واخيرا البعد السلوكي ويعني العقلانية والتفكير العلمي في مواجهة التفكير الغيبي وغير العلمي، وترتبط هذه الابعاد بعدد من التغيرات الاجتماعية مثل زيادة الظاهرة الحضرية، وانخفاض مستوى الامية، وانتشار وسائل الاتصال والاعلام، ودرجة المشاركة السياسية ونطاقها من اجل احداث التغييرات اللازمة على النظام السياسي لكي يتلاءم مع الواقع المجتمعي الجديد.وتشكل المشاركة السياسية جوهر التنمية السياسية بوصفها النشاط السياسي الذي يرمز الى مساهمة المواطنين ودورهم في تشكيل سياسات الدولة، وادارة الشؤون العامة أيضاً، واختيار القادة السياسيين. لذا فأن عملية مأسسة هذه المشاركة التي تسهم الاحزاب السياسية فيها وتعمل على تفعيل التنمية السياسية سوف تؤدي الى نقل الممارسة السياسية الى مستوى العمل السياسي المؤسسي وتكريسها في اطار بنية سياسية ديمقراطية. ومؤدى هذه العملية تأطير الصراع السياسي بين القوى السياسية حول سلطة صنع القرارات السياسية واتخاذها ووضع السياسات العامة بأطر واليات مؤسسية. ويتم ذلك عبر احتواء النشاطات السياسية للافراد والقوى السياسية الهادفة الى المساهمة او التأثير في عملية صنع القرارت واتخاذها داخل قنوات المؤسسات الحزبية الامر الذي يجعل وجودها بمثابة العمود الفقري بعملية صنع القرارات السياسية واتخاذها، وهذا مما يدفع بانه لا وجود للتنمية السياسية الحقيقية الا بوجود الاحزاب السياسية و ايلائها الدور الفعلي في التعبير عن المصالح المتمايزة والمتنافسة وتمثيلها في اجواء ديمقراطية سليمة.وعليه فان الاحزاب السياسية تعتبر من اهم قواعد التنمية السياسية، فهي تلعب دوراً مهماً في الحياة السياسية المعاصرة. وان نظرة بسيطة الى طبيعة وظائف الاحزاب السياسية من شأنها الاسهام في ابراز الدور الذي تلعبه الاحزاب السياسية في عملية التنمية السياسية، فالاحزاب تعمل على توعية الرأي العام وتوجيهه من خلال تثقيفه سياسياً وحزبياً بما يضمن مشاركة المواطن في الحكم والتعبير عن رأيه ومصالحه، وتعزيز دوره في العملية السياسية التي تجري في اطار النظام السياسي وتقوم كذلك بتنظيم الاتجاهات السياسية بين المواطنين وجذبهم نحو الاهتمام بالشؤون العامة وتعريفهم بحقوقهم وحرياتهم ووسائل التعبير عنها. وان وجود الاحزاب السياسية ضرورة لتأكيد المعارضة والرأي الاخر وامكانية تنظيم التعاقب السلمي على السلطة. وكذلك تعد احدى المؤسسات الاساسية التي تحقق حقوق الانسان وحرياته السياسية من خلال تنظيم مشاركة فاعلة للافراد في الحياة السياسية، بل ان العمل الحزبي يشكل مدرسة سياسية لاعداد القادة السياسيين وتدريبهم وتأهيلهم للعمل السياسي ولتولي المناصب الرسمية. كذلك فان الاحزاب تشكل قنوات اتصال بين الحكومة والشعب وتوفر للسلطة فرصة للتعرف على رأي الشعب ورغباته واتجاهاته.ويرتبط مصطلح الاصلاح السياسي دائماً بالاحزاب السياسية، والدور المناط بها لتحقيق هذا الاصلاح، او على الاقل وجود دور لها في عملية تحقيق الاصلاح او التنمية السياسية، بما يقود الى وضع الأسس الراسخة بقيام مجتمع ديمقراطي مبني على التعددية وصولا الى مبدأ تداول السلطة بين الأحزاب او التيارات المختلفة كما هو سائد في العالم الغربي.وبالاطلاع على الدور الذي تقوم به الأحزاب السياسية في المملكة الأردنية الهاشمية يلاحظ انه في عام 1999م وبعد تولي الملك عبدالله الثاني العرش في المملكة الأردنية الهاشمية، بدأت مرحلة سياسية جديدة نحو الديمقراطية، وهي استكمال لمرحلة قبلها بدأت في عام 1989 عنوانها الأساسي الديمقراطية والتعددية وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في الحكم، وعودة الحياة البرلمانية، واحترام الحرية المسؤولة في التعبير عن الرأي ودعم حرية الصحافة، كما اعتمد الأردن مبدأ التعددية الحزبية، واستحداث مركز لدراسات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأصبحت المرأة الأردنية تتمتع بحقوقها السياسية كاملة، بما فيها حق الترشيح والانتخاب وتبوء مراكز قيادية عليا، ثــم جاء قرار إلغـاء الأحكــام العرفيــة عـام1992م تأكيداً لطريق الديمقراطية وبعد ذلك سنت تشريعات جديدة تأكيداً لمرحلة الديمقراطية وفي مقدمتها قانـون الأحــزاب السياسيـة عـام 1992م وقانون المطبوعات والنشر، ومشروع قانون العمل والعمال، فقد كان للاحزاب السياسية الاردنية الدور الفاعل في تلك التحولات، فبعد دخولها في اطار الشرعية ، وحصولها على التراخيص اللازمة لمزاولة نشاطاتها السياسية، وبعد تكاثر هذه الاحزاب، باتت هذه المنظومة الحزبية، تستحق وقفة تأمل تقوم على المراجعة الدقيقة لأوضاعها ونشاطاتها وآفاق مستقبلها في تنفيذ البرامج الحزبية. وأول هذه المحاور يتعلق بقدرة الأحزاب الاردنية على الوفاء بتعهداتها وتنفيذ برامجها التي تطرحها ولا سيما المتعلقة بعمليات الإصلاح السياسي، ونظرا لكثرة تلك الأحزاب فان اغلب الكتاب والباحثين يقسمونها الى اربعة تيارات رئيسية هي: التيار الاسلامي/ ويمثله جبهة العمل الاسلامي الذي يستند على تراث حزبي تمثله جماعة الاخوان المسلمين، وقوى اسلامية اخرى مثل حركة دعاء الاسلامية وغيرها. التيار اليساري/ الذي تمثله عدة أحزاب كحزب الوحدة الشعبية ، الحزب الشيوعي الاردني، (حشد) الحزب الديمقراطي الاردني. والتيار الثالث هو تيار الوسط واهم احزابه: العهد والمستقبل وغيرها، في حين يمثل التيار القومي : حزب البعث بشقيه العربي الاشتراكي والديمقراطي الاردني والحزب العربي.ولكون جبهة العمل الاسلامي من الاحزاب السياسية ذات الامتداد الجماهري والاكثرها فاعلية على الساحة السياسية الاردنية وذا تاريخ سياسي عريق، تم اختياره نموذجاً للدراسة و البحث.