تنطلق أهمية الموضوع من أن تركيا تعد جسراً طبيعياً تربط العالم العربي بالغرب,فهي بحكم موقعها الجغرافي المجاور للدول العربية تجعل من سياستها الخارجية محط أنظار وترقب العالمين العربي و الغربي,بالأخص فيما يتعلق بسياستها الخارجية حيال "إسرائيل",لذلك حاولنا في هذا البحث تسليط الضوء على السياسة الخارجية التركية حيال "إسرائيل"منذاعتراف تركيا بها إلى وصول حزب العدالة والتنميةالإسلاميإلى السلطة والمراحل التي مرت بها هذهِ العلاقة التي توجت بتوقيع اتفاقية عسكرية - أمنية مشتركة بينهما في عام 1996موأثر هذهِ العلاقة على الصراع العربي -"الإسرائيلي" .اتجهت السياسة الخارجية التركية بعد انهيار الدولة العثمانية وقيام الجمهورية التركية الحديثة في عام 1923 م باتجاهمختلف عن السابق . فكان تطلع تركيا لنيل عضوية الاتحاد الأوربيفي طليعة الأهدافالتي كان لها الدور في رسم السياسة الخارجية التركية وتوجهها باتجاه الغرب, وزاد هذا التوجهبعد الحرب العالمية الثانية وخلال الحرب الباردة بسبب مخاوف تركيا من مد (الخطر) الشيوعي, وكانت تركيا أول دولة إسلامية تعترف ب"إسرائيل"اعترافاً واقعياً عام 1949م بعد قيامها عام 1948م لنيل وكسب دعم الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية, ومنذ ذلك التاريخ استمرت العلاقات التركية الإسرائيلية بالتحسن التدريجي السري في مختلف المجالات التجارية والاقتصادية والعسكرية والأمنية, وكانت تطرأ عليها في بعض الأحيان منحنيات صعود وهبوط وفقاً للظروف الإقليمية والدولية التي كان أهمها الأوضاع في المناطق الفلسطينية, واتجاه تركيا نحو تحسين علاقتها مع جيرانها العرب,خاصة في ظل تردي أوضاعها الاقتصادية وحاجتها الملحة للنفط العربي.إن أقامة علاقة استراتيجية صريحة مع"إسرائيل" تقدم مثالاًمختلفاً عن النشاط التركي في المنطقة,ولقد كانت لتركيا مع "إسرائيل"منذ أمد بعيد وفي مستهل أنشاء الدولة اليهودية علاقات تعاون غير مكشوفة,ومنذ بداية التسعينات من القرن العشرين بدأت هذه العلاقات تكتسب مزيداً من الصراحة والواقعية,وحركت التطورات الأخيرة منذ منتصف التسعينات العلاقات كثيراً وانتقلت بها إلى مجالات مهمة,وبدأباتفاقيةتدريب وتعاون عسكري في عام 1996م,أوجدت تركيا علاقات متعددة الأوجه مع"إسرائيل"تراوحت بين تعاون تصنيع دفاعي مشترك وتبادل المعلومات العسكرية إلى التنمية الاقتصادية والسياحية. وجرى أيضاً أعداد الخطط الملائمة لتصدير المياه التركية بكميات كبيرة من نهر (مانافكاد) إلى"إسرائيل".وأصبحت العلاقات الجديدة أكثر سهولة في المدة التي شهد فيها الشرق الأوسطعملية سلام بين العرب و"إسرائيل"وخفف ذلك عن سياسة تركيا العامة مخاوف التهديدات الخطيرة التي كانت محتملة بسبب هذه العلاقات سواء داخل تركيا حيث الرأي العام حساس إزاء القضية الفلسطينية أو من الشرق الأوسط عموماً. وتخدم العلاقات التركية -"الإسرائيلية" المصالح الوطنية الثابتة للطرفين .قامت "إسرائيل"بتنمية وتغذية خلافات تركيا مع الدول العربية لاعتباراتعدة منها- أنهما دولتان غير عربيتين في محيط عربي, لاسيما في ظل تمسك تركيا بالعلمانية,فضلا عن قرب كل منهما للغرب, خاصة بعد انضمام تركيا لعضوية حلف الأطلسي (الناتو) في 18 شباط /فبراير 1952 م .ومما زاد من اندفاع تركيا إلى المعسكر الغربي وحلفائه الخلافات التركية - العربية القديمة والجديدة : خلاف تركيا مع سوريا بسبب لواء الأسكندرونة, ودعم سوريا لحزب العمال الكردستاني منذ عام 1984م,وإيواءها لعبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني عام 1998م, وخلافاتها مع العراق أيضاً بسبب تقسيم مياه نهري دجلة والفرات وهجمات الأكراد من شمال العراق ضد تركيا . وفي القرن الحادي والعشرين وبعد صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002اتخذت السياسة الخارجية التركية منحى جديد يقوم على أساس لاأعداء في المنطقة وتصفير المشكلات مع دول الجوار وفقاً للمبادئ التي وضعها المفكر الاستراتيجي ووزير الخارجية التركي الدكتورأحمد داود أغلو.