تشكل البيئة الإقليمية نطاقا فرعيا ضمن إطار البيئة الخارجية التي يتشكل منها النظام الدولي، ولكون العراق هو جزء من بيئة إقليمية، تنبع أهمية موضوع دور العراق داخل هذه البيئة في المستقبل وعملية توظيف مقوماته الداخلية والخارجية لبناء هذا الدور من ضرورة الدور العراقي المستقبلي الفاعل والمؤثر في الإقليم.ونقصد بالدور الإقليمي هو سلوك معين لدولة ما تلعبه ضمن بيئتها الإقليمية ويتحدد وفق مقومات داخلية وخارجية تمنح الدولة الفاعلية بين مجموعة الدول في بيئة إقليمية معينة.يمتلك العراق أهمية إستراتيجية كبرى في العصر الحديث والمعاصر، بسبب عوامل عديدة أهمها موقعه المتوسط في العالم، ووقوعه بين مجموعة من الدول التي تستطيع إن تؤثر فيه ويؤثر فيها بسبب تشابه الأصول العرقية والدينية، ونمط الايديولوجيا التي حكمت الدولة العراقية الحديثة وعلاقات القوة التي سادت فيه ومع جيرانه عبر مراحل متعددة، ثم هناك الأهداف الخاصة به والتي سعى بوسائله إلى تحقيقها وأثرت في سياسات الآخرين تجاهه. ولعل أهم الأسباب التي جعلت من العراق ذو أهمية إستراتيجية و محط اهتمام الدول إقليميا وعالميا ثرواته الطبيعية الهائلة، فهو إضافة إلى امتلاكه ثروات اقتصادية هائلة (ثاني أكبر مخزون نفطي) الذي يشكل عصب الحياة الاقتصادية العالمية والمحرك الأول لواقع التجارة الدولية، وعمقا استراتيجيا كدولة متوسطة الحجم بمساحتها، فإنه يمثل عقدة جغرافية تربط الوطن العربي بإيران وتركيا الدولتان الأكثر تأثيراً في إقليم الشرق الأوسط قياساً لدول أخرى، كما أنه يشكل موقعاً متميزاً في العلاقات الإقليمية والدولية باعتباره حلقة وصل بري وبحري بين دول شرقي أسيا وأقصاه ودول العالم الأخرى تجاريا واقتصاديا. إن موقعه الاستراتيجي هذا كان ومازال متميزا ويحظى بأهمية بالغة باعتباره يشكل قلب الشرق الأوسط القديم وبقي بهذه الأهمية حتى الوقت الراهن . ولعل في إشارة (انطوني ليك) مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، إلا أن أهمية العراق الإستراتيجية تكمن في النفط والموقع الجيوبوليتيكي، والتكوين السكاني والعمق التاريخي، وهذه عوامل لا يمكن تغييرها على المديين القريب والبعيد، ستبقى عوامل فعالة ومؤثرة تمنح العراق قيمة إستراتيجية كبرى،وتزداد هذه القيمة مع نضوب مصادر النفط لأغلب الدول المنتجة له، دليل واضح على ذلك.هكذا أعطت الجغرافيا لهذا البلد ميزة وعبأ في إن واحد، فهو بحكم هذا الموقع داخل بيئته الإقليمية أضفى عليه أن يلعب دورا ويأخذ مكانة إقليمية متميزة، فالدور شأن مغري في العلاقات السياسية الدولية كلما تصاعدت قيمته تصاعدت المكانة السياسية للدولة، إلا انه عبأ عليها حيث يفرض تواتر دائم لإمكاناتها وتأهيل مستمر لها حتى تتكافأ مع متطلبات هذا الدور وتنفيذ الأدوار المستقبلية المرسومة له.