يعد العام 2002 علامة فارقة في تاريخ تركيا الحديث إذ شهد ذلك العام فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات العامة في البلاد ليشكل هذا الحدث بدوره مقدمة لسلسلة من التفاعلات الداخلية نتج عنها انقلاب في عدد من السياسات التقليدية للجمهورية التركية ومنها وظيفة تركيا على الصعيد الإقليمي مما مهد لوظيفة أكبر لتركيا على المستوى الدولي والإقليمي .وفي هذه المرحلة التي شهدت تولي حزب العدالة والتنمية لمقاليد السلطة فقد تغير مفهوم وظيفة تركيا الإقليمية حيث اعتمدت على سياسة جديدة تقوم على تبني مبدأ أن لأ يبقى لتركيا أي عدو من الحقبة الماضية لتجاوز المشكلات التي عانت منها في محيطها ، كما اتبعت في الوقت نفسه سياسة نشطة إزاء محيطها القريب فاهتمت بمناطق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقوقاز .وهذه الأيام تؤدي تركيا وظيفة مؤثره ومتزايده في منطقة الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى إلى الدرجة التي لم يعد فيها السؤال مطروحاً : هل تريد تركيا أن تؤدي دوراً سياسياً في الشرق الأوسط ؟ حيث إن المعطيات السياسية القائمة تشير إلى وجود دور إقليمي تركي متبلور وظاهر الملامح يتعاظم بمرور الوقت وباختلاف المشاكل والقضايا.أما سياسة تركيا تجاه منطقة آسيا الوسطى والقوقاز فيمكن أن نلاحظ انتقال تركيا من مجرد دولة فحسب خلال التسعينات القرن الماضي إلى سياسة أكثر منطقية تسعى إلى إنتاج الحلول لمشاكل المنطقة ترى بذلك نفسها دولة مركز .وبذلك يمكننا أن نرى أن لتركيا وظيفة فعالة من منطقة آسيا الوسطى والقوقاز ومنطقة الشرق الأوسط ، أما أوروبا فإن طبيعة الصعوبات التي تواجه دخول تركيا الى الحيز الأوربي ووجود الاتحاد الأوربي خارج النطاق الإقليمي لتركيا فقد دفعنا هذا الى الابتعاد عنها ، وبذلك فإننا لم نشير إلى وظيفة تركيا ضمن الإقليم الأوروبي بسبب اقتصار دورها بعد الحرب الباردة إلا إنها لم تمارس وظيفة فاعلة ضمن الاتحاد الأوربي ماعدا بعض المشاركات البسيطة في كوسوفو فضلاً عن ذلك بعد انهيار الإتحاد السوفيتي ثم الاستغناء عن تركيا من قبل الإتحاد الأوروبي بسبب زوال خطر الإتحاد السوفيتي وبعد ذلك لم يكن لتركيا أي دور حيوي ورغم مساعيها للانضمام إلى الإتحاد الاوربي إلا إن دورها ووظيفتها برزت بشكل كبير في آسيا الوسطى والقوقاز وبشكل أكبر في منطقة الشرق الأوسط .