تؤدي التنشئة السياسية دوراً مهماً في عملية تبني القيم الديمقراطية عن طريق قدرتها على تأهيل الفرد ، لاكتساب القيم والانساق والافكار السياسية للنظام السياسي القائم ، ليصبح مواطناً يمتلك المقدرة على التفاعل الايجابي ضمن نسق سياسي معين ، وذلك في اطار النظام الاجتماعي السائد وطبيعته ومعاييره ودرجة المرونة والانفتاح فيه ، فالتنشئة السياسية هي العملية التي يكتسب الفرد عن طريقها قيمه ومعتقداته السياسية باتجاه النظام السياسي القائم ومن وسائل وادوات التنشئة المختلفة . إن فاعليه النظام السياسي الديمقراطي الذي تبناه الدستور العراقي الدائم لعام 2005 يتطلب بالضرورة تنشئة الافراد بأهداف النظام السياسي وتطبيق القيم الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وتقبل الاختلاف واحترام الاخر وتقوية اواصر العلاقة بين النظام السياسي والمواطنين وبذلك تقوم التنشئة السياسية هي الاخرى على ربط المواطن بالنظام السياسي وتفاعله مع قرارات السلطة السياسية .لقد واجة النظام الاجتماعي والسياسي في العراق تحدياً مصيرياً تمثل بالانقسامات العرقية والمذهبية ، والمحاصصة الطائفية والعرقية ، لذلك فالنظام السياسي الجديد واجه معاناة في تطبيق الديمقراطية وذلك لغياب الاساس الثقافي للانتقال من النظام الشمولي الدكتاتوري وما يحمله من قيم ترسخت في عقلية ووعي المجتمع العراقي ، الى نظام ديمقراطي وما تحمله منظومة القيم الديمقراطية ، وعليه فأن التنشئة السياسية الحالية في العراق تشهد تنشئة مختلطة تجمع بين القيم الجديدة التي بني عليها النظام السياسي الذي اقامه الدستور الدائم لعام 2005 كقيم الحرية والمساواة وحقوق الانسان والتعددية في الرأي ، وبين القيم الموروثة من العهود السابقة وهي بمجملها لا تتلاءم مع القيم الجديدة .وكون النظام السياسي في العراق يقوم على مرتكزات ومحددات اساسية من اهمها الديمقراطية والحرية فالتنشئة السياسية تنظم وتؤطر عمل هذه المحددات باتجاه ترسيخ الديمقراطية في وعي المواطنين وقادة النظام السياسي .وعليه يمكن القول ان الديمقراطية فضلاً عن كونها شكلاً من اشكال الحكم فهي نمط واسلوب حياة وقيم ، تدخل في مضامين العلاقات الاجتماعية ، والسياسية ، والثقافية بين المواطنين، ولذلك فهي بحاجة الى ثقافة سياسية ديمقراطية وهذه الثقافة تتوفر بالتنشئة السياسية للمواطن ليكون واعياً لحقوقه السياسية والاقتصادية ، والاجتماعية ويكون مؤهلاً لممارسة هذه الحقوق واداء واجباته تجاه المجتمع.