مما لا شك فيه إن قضية المياه أصبحت جزء لا يتجزأ من الأمن الوطني لأي دولة من الدول، لانها باتت من العوامل الأساسية لنمو الاقتصاد ، هذا فضلا عن إلى الزيادة في معدلات نمو السكان، والذي يتطلب زيادة في كميات المياه العذبة، الأمر الذي شكل هاجسا دائما لكل الدول، فأصبحت المياه قضيه أمنية ذات أبعاد متعددة، مثل البعد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقانوني وغيرها، مما حولها إلي قضيه مهمة في كل بلد من البلدان والتي تعد من القضايا الإستراتيجية التي تسعى إلى ضمانها.ومع تحول المياه إلى مصدر أساس للأمن القومي، و بصدد الحديث عن منطقة الشرق الأوسط محل الدراسة، والتي تعاني اغلب دول المنطقة شحا متزايدا بالمياه، ادركت دول المنبع انها في وضع إستراتيجي بحسبانها الأغنى في مصادر المياه، وبالأخص كل من تركيا وإيران في حوضي دجلة والفرات وأثيوبيا في حوض النيل، حيث سعت تلك الدول( المنبع) إلى توظيف المياه في تحقيق الغايات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي سنتطرق لها في الدراسة، ومن هنا تمثل المياه: عنصرا مهما من عناصر الصراع في الشرق الأوسط، حيث لعبت عناصر الجغرافية الطبيعية والسياسية دورا بارزا في خلق إستراتيجيات خاصة للمياه في هذا الإقليم، حيث يمتاز هذا الإقليم بجو حار جاف متذبذب في كمية الأمطار وقلتها مما فرض حاجه ملحه للمياه السطحية لدول المنطقة، وإن للسياسة دورا بارزا في تلك القضية عن طريق سيطرة دول المنبع، ناهيك عن الأدوار الخارجية للقوى الدولية، وسعيها للسيطرة على المنابع الرئيسة لأحواض المنطقة.حيث هنالك أكثر من خمسين نهرا دائم الجريان في منطقة الشرق الأوسط، تنبع اغلبها من دول غير عربية، و أن أهم تلك الأنهار هي تلك التي يتركز فيها القسم الأكبر من سكان الوطن العربي وخاصة في الدول التي تجري فيها تلك الأنهار(دجلة والفرات والنيل) والتي يتركز اغلب سكان المنطقة العربية التي أثير عليها النزاعات في المنطقة، وإن دول المنابع لكل من تلك الأحواض المذكورة انفا تسعى إلى السيطرة على مياها والتحكم بها، وقد شرعت تركيا في بناء مجموعه من المشاريع المائية على حوضي دجله والفرات متجاهله بذلك حق جيرانها من الدول المتشاطئه معها، وهي تخالف بذلك القوانين الدولية الخاصة بالأنهار الدولية، ناهيك عن إيران التي عمدت إلى قطع الكثير من الروافد والأنهار الداخلة إلى العراق، وكذلك في حوض النيل الذي يشمل: العديد من الدول، حيث يجري في أحدى عشرة دوله افريقية، والتي تمثل منابع الهضبة الأثيوبية حيث تمده بنسبة كبيرة من المياه، مما جعل من أثيوبيا أن تنتهج سياسات ابتزازية على دول المصب ( مصر والسودان) وكما سنوضحه خلال فصول الدراسة.إذ سنعمد إلى دراسة أهم دول المنابع في الأحواض موضع الدراسة، والتي سعت دولها لاتخاذ سياسات مائية ابتزازية تجاه دول المصب، وخصوصا إن تلك الدول، (أي دول المنبع) هي دول غير عربية، ناهيك عن الأدوار الخارجية التي تدفع تلك الدول إلى إنتهاج سياسات بالضد من دول المصب، وهي (سورية والعراق في حوض دجلة والفرات، والسودان ومصر في حوض النيل).