على الرغم من كثرة البحوث والدراسات التي تناولت موضوعة (الردع النووي الإسرائيلي) على مستويات مختلفة، إلاّ أن المرء ما يزال يشعر: بأن هناك إشكالية تسترعي الانتباه في البحوث التي تناولت الموضوع, بمعنى : ان هناك قصوراً في تلك البحوث والدراسات ؛ لأنها تتكلم عن : مدى حقيقة إمتلاك (إسرائيل) للقنبلة النووية التي ظلت لمدة طويلة من الزمن يشوبها الكثير من الغموض والتناقض والتضارب في الآراء والتحليلات، إذ أن العديد من التساؤلات التي كانت تشغل الرأي العام والخبراء بخصوص المشروع النووي (الإسرائيلي) تشمل: في أنها تمتلك السلاح النووي؟ أم أن الإمكانيات لديها جاهزة , ولكنها مفككة , وتحتاج فقط لمدة زمنية قصيرة جدا لتركيبها , وإعادة تجميعها؟ .ويرجع السبب الرئيس لتلك التساؤلات إلى : طبيعة السياسة الأمنية الصامتة التي إنتهجتها (إسرائيل) بخصوص مشروعها النووي , والذي منذ بداياته إكتنفته السرية, وبمعزل عن كل الهيئات الرسمية والدولية سلك المشروع النووي (الإسرائيلي) طريقه ، ولم يستطع أحد حتى الآن الوقوف بصورة تامة على حقيقة الترسانة النووية (لإسرائيل) ، ويعتقد العديد من الخبراء النوويين والمراقبين : انها تفوق التقديرات المتوقعة كلها. لقد أنجز (الإسرائيليون) مشروعهم النووي عِبَرَ العديد من المراحل التقنية , وأشكال التعاون مع الدول الكبرى التي مكنتهم في النهاية من امتلاك سلاح نووي فعال , والذي أصبح فيما بعد حقيقة واقعة وراسخة لدول العالم كأساس لنظرية الأمن الإستراتيجي. فالنظرية الأمنية (الإسرائيلية) تقوم على : التفوق العسكري تجاه الدول العربية مجتمعةً في المجال التقليدي، وعلى إحتكار السلاح النووي , ومنع أي دول عربية أو إسلامية معادية في المنطقة من الحصول عليه , وتقوم في الوقت نفسه على الردع المسبق , وقد جاء ضرب المفاعل النووي العراقي (تموز) في حزيران في العام 1981 , كجزء من تطبيق هذه العقيدة العسكرية , كما تضمن الولايات المتحدة الامريكية (لإسرائيل) هذا التفوق, فضلاً عن استمراره , والذي جنبها الضغوط التي تمارس ضد دول المنطقة مثل : ما حصل مع العراق وليبيا ومصر وسوريا وايران مؤخراً. كما تعتمد (إسرائيل) الاّن على نظرية الردع النووي في إخضاع الدول الاخرى بمنطقة الشرق الأوسط لاسيما وأن بعض هذه الدول تحاول بحسب تقديرات الخبراء أن تتجه إلى إمتلاك قنبلة نووية , مثل : ايران , وهذا الشي الذي دفع (إسرائيل) إلى إبطال أي محاولة باتجاهِ تطوير برنامج نووي في منطقة الشرق الأوسط . وفي ظل المتغيرات التي حصلت وتحصل بمنطقة الشرق الأوسط شعرت (إسرائيل): أن هذه المتغيرات لها تداعيات كبيرة على نظرية الردع النووي , فهي تخشى من أن هذه المتغيرات , لاسيما بالدول المجاورة لها سوف تؤثر في أمنها سلباً , إذ أن اغلب القادة الذين تم الاطاحة بهم كان لهم علاقات مع (إسرائيل) والبعض كان يتحفظ على هذه العلاقة , لذا فمن المحتمل : أن هذه المتغيرات سوف تغير إستراتيجية (إسرائيل) في المنطقة, إذ ما تسارعت هذه المتغيرات الدراماتيكية بشكل لا يمكن السيطرة عليها , وأدت إلى نشوء انظمة معادية (لإسرائيل) أو جماعات قد تمتلك تقنيات نووية يمكن أن تستعمل بالضد منها أو أن ايران تتخلى عن كل إلتزاماتها التي تعهدت بها في ظل المفاوضات الجارية , وهنا قد تلجأ (إسرائيل) أما إلى تعديل أو تغيير نظرية الردع النووي المرتبطة ارتباط حيوياً بأمن وسلامة وبقاء (إسرائيل).