تتمتع المؤسسة العسكرية الاسرائيلية باهتمام كبير من قبل الباحثين في النظام السياسي الاسرائيلي من جهة، والدارسين لطبيعة وجذور الصراع العربي ــــ الاسرائيلي من جهة اخرى، ذلك ان طبيعة اسرائيل منذ قيامها عام 1948، بل وحتى قبل ذلك، كانت قائمة على التوسع والاحتلال، وبالطبع كانت المؤسسة العسكرية الاسرائيلية هي الاداة الابرز في هذا التوسع والاحتلال، مما أدى الى ان تصبح هذه المؤسسة ذات شأن كبير واهمية متعاظمة في اسرائيل زاد من هذه الاهمية طبيعة العقيدة اليهودية التي تمجد التفوق العسكري حتى اصبح الفرد يعد اعداداً عسكرياً منذ صغره ليصبح فيما بعد ــــ سواء في حياته المدنية أم العسكرية ــــ مستعداً متى وجدت الحاجة الى استدعائه للخدمة العسكرية . من هنا، أصبحت المؤسسة العسكرية الاسرائيلية من اهم المؤسسات في النظام السياسي الاسرائيلي، واصبح الانفاق العسكري من اهم ابواب الميزانية السنوية، فضلاً عن ذلك فقد اصبحت المؤسسة العسكرية الاسرائيلية تؤدي ادواراً سياسية واجتماعية، تتجاوز دورها العسكري التقليدي الموجود في الدول الاخرى . إن الاستعمال الاسرائيلي للقوة العسكرية وما يقابله من حجم التهديدات التي يواجهها المجتمع الاسرائيلي، نتيجة حالة العداء القائمة بين اسرائيل وجيرانها من الدول العربية، والعمليات العسكرية المتكررة ضد الدول العربية وخاصة جنوب لبنان وقطاع غزة وما تقوم به المنظمات المسلحة من استهداف للأمن الاسرائيلي، اكسب هذه المؤسسة خبرة عسكرية كبيرة وتفوقاً على الجيوش العربية النظامية، إلاّ إن ظهور اشكال جديدة من التهديدات الامنية، تمثلت بحروب مع مجموعات ومنظمات مسلحة غير نظامية كحزب الله وحركة حماس، وهذا التهديد المستمر يتطلب من المؤسسة العسكرية الاسرائيلية ان تطور ذاتها بأنواع جديدة من التكتيكات العسكرية الحديثة، أضف الى ذلك تطوير علاقتها العسكرية مع دول العالم، وبالتالي يعني ذلك عملياً مزيداً من ممارسة دورها في الحياة السياسية والمجتمع في اسرائيل . وتجدر الاشارة الى أن هذه الدراسة تستعمل مصطلح اسرائيل و / أو الدولة الاسرائيلية والنظام السياسي الاسرائيلي، بعد ان اصبح هذا التعبير شائعاً في الدراسات العربية، فضلاً عن اعتراف بعض الدول العربية والاسلامية بها وانحسار استعمال مصطلح الكيان الصهيوني وغيره من المصطلحات للدلالة على اسرائيل، وهذا لا يعني انكار الحق الفلسطيني بقدر ما يقتضيه الواقع في استعمال المصطلح .