الاستراتيجية الامريكية تجاه منطقة القرن الافريقي بعد 2001 (دراسة جيوستراتيجية)

number: 
1742
عربية
Degree: 
Author: 
اسراء رشيد عبد الله البياتي
Supervisor: 
الاستاذ المساعد الدكتور قاسـم محمــد عــبيد الجنابـي
year: 
2014

تُعدّ منطقة (القرن الافريقي) واحدة من الاقاليم الجيوستراتيجية بالغة الاهمية في التقسيم الجيوبولتيكي العالمي، حيث استحوذت، وعلى مر الحقب التاريخية على أهمية محورية في حركة المواصلات البحرية، فضلاً عن امتلاكها لعوامل الجذب، بسبب مايتفاعل بها من تناقضات عرقية وسياسية وحضارية، وما تكتنفه من ثروات طبيعية جعلت منها تحتل مكانة متميزة في ادراك القوى العظمى والكبرى شأنها شأن جميع المناطق ذات الامتداد العالمي. ,هي تُعدّ اكثر إتساعاً، وأشد تأثيراً من الناحية الاستراتيجية على الجغرافية، ذلك انها على الصعيد الجغرافي تضم كلاً من: الصومال واثيوبيا وارتيريا وجيبوتي فقط، اما على المستوى الجيوسياسي، فإنّ المنطقة تشمل العديد من الدول والقوى التي تتفاعل وتتبادل علاقات التأثير والتأثر فيما بينها، مما يجعل من منطقة (القرن الافريقي) تضم مساحة هائلة من الدول التي تمتد عبر النتوء الشرقي للساحل الشمالي الشرقي لافريقيا. وعلى هذا الاساس، فان المنطقة تستمد قدراً من الاهمية ناجمة عن قيمتها الاستراتيجية لارتباطها الوثيق بالبحر الاحمر، والذي يعدّ بدورهِ من اهم طرق المواصلات البحرية في العالم بّعدهِ حلقة الوصل بين مناطق الانتاج النفطي (دول الخليج العربي، وايران، والقرن الافريقي)، ومناطق الاستهلاك النفطي (الولايات المتحدة الامريكية، ودول الاتحاد الاوربي)، وبذلك أصبحت في اول سلم اولويات تأمين وتحقيق امن الطاقة العالمي. لذلك فقد شهدت منطقة (القرن الافريقي) تطورات بالغة الاهمية لم تقتصر تأثيراتها في دولها فحسب، وإنما إمتدت الى سياسات واستراتيجيات القوى الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية، والتي وسعت في ادبياتها الاستراتيجية الى بيان نطاق مفهوم (القرن الافريقي) ليشمل: احدى عشر دولة بعد انفصال جنوب السودان تمتد من ارتيريا شمالاً وحتى تنزانيا جنوباً (القرن الافريقي الكبير)، بل ان هناك من وسع من نطاق المفهوم ليضيف دولاً خارج الاقليم بحيث يتعدى الحدود الاقليمية للمنطقة ليضم دولاً، مثل: اليمن والسعودية. وعلى الرغم بما تتسم به الاستراتيجية الامريكية من إنّها استراتيجية كونية لا تقتصر على قارة او اقليم او منطقة، بل تشمل العالم قاطبة، إلّا أنّ هناك بعض المناطق تشكل لها مجالاً حيوياً اكثر من غيرها لمقوماتها ومميزاتها الجيوستراتيجية، ولعل هذا ما يجعل منطقة (القرن الافريقي) تحتل موقعاً متميزاً في الاستراتيجية الامريكية، فضلاً عن احتلالها مكانة متميزة في التفكير والادراك الاستراتيجي الامريكي خاصة خلال مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وولادة النظام الدولي الجديد بقيادة الولايات المتحدة الامريكية اثر تفكك الاتحاد السوفيتي، وبالذات بعد ان بات التنافس الدولي تجاه المنطقة السمة المميزة لها بعد ان دخلت الصين كلاعباً سياسياً، ومنافساً اقتصادياً للولايات المتحدة الامريكية. وبعد احداث 11 /ايلول /2001، قفزت منطقة (القرن الافريقي) لتحتل مراتباً متقدمة في اولويات صناع القرار العسكري والسياسي والاقتصادي الامريكي، حيث أخذ الوجود العسكري الامريكي يتزايد في المنطقة بعد ان اسهمت احداث 11/ايلول/2001، بـاحداث تغيرات جذرية في الاستراتيجية العسكرية الامريكية، حيث حصلت على موافقات صريحة بشأن اقامة قواعد عسكرية، وتقديم تسهيلات عسكرية عدة، فضلاً عن انعكاسات الوجود الامريكي على طبيعة التوازنات، ونمط العلاقات الاقليمية بين دول منطقة القرن الافريقي، حيث فرض الوجود العسكري سلوكاً تعاونياً على دول المنطقة كافة، ولتحقيق ذلك فقد شكلت الولايات المتحدة الامريكية بعد احداث 11/ايلول/2001 قوة المهام المشتركة، بأمر من وزارة الدفاع الامريكية بهدف مراقبة الاوضاع في القارة الافريقية، حيث عُدّت قوة المهام المشتركة في (القرن الافريقي) من احد تشكيلات القوات الامريكية لغرض تعزيز قدرة الولايات المتحدة الامريكية على مكافحة الارهاب في منطقة (القرن الافريقي)، وتحقيق هيمنتها بالمنطقة، ولضمان حماية المصالح الامريكية الاقتصادية والسياسية، فقد تم تأسيس القيادة العسكرية الامريكية في افريقيا (افريكوم AFRICOM) في 7/2/2007، إذ حدد الرئيس الامريكي (جورج بوش/ الابن) الملامح العامة للاهداف الاستراتيجية المراد تنفيذها بواسطة تلك القيادة، واوضح إنّها تهدف الى روابط التعاون والامن مع الدول الافريقية، وخلق فرص جديدة مع تلك الدول لتحقيق الامن والسلام لشعوب افريقيا.
وبناءً على ما تقدم فقد جاءت هذه الدراسة لتسليط الضوء على الاستراتيجية الامريكية تجاه منطقة (القرن الافريقي) بعد 2001(دراسة جيو ستراتيجية).