العلاقات العراقية التركية بعد عام 2003

number: 
1738
عربية
Degree: 
Author: 
شهد عادل صبحي العبيدي
Supervisor: 
أ. د.عبد علي كاظم المعموري
year: 
2013

إن عالم اليوم تحكمه معطيات جديدة من العلاقات الاقتصادية، تعتمد في قوتها وتأثيرها على الدينامية والحيوية، ومادام العالم يتحول إلى سوق عالمية كبرى من دون حدود، فأن العوامل الاقتصادية المقترنة بالإمكانات التاريخية والثقافية والسياسية لبلد ما، تسهم في تَشكُل الدور الذي سيؤديه، وأن العنصر الحاسم في هذا المجال يكمن في قدرة البلد على الاستفادة من المزايا النسبية له على نحو أفضل، وبناء وتوجيه مصالحه الاقتصادية بما يخدم أهدافه وما يعزز مستقبله الوطني واستدامة تطوره. ولا يمكن للعلاقات السياسية بين الدول أن تتطور من دون أن تقوم على قاعدة من المصالح المتبادلة، وتمثل المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية القاعدة التي تقوم عليها العلاقات بين العراق ودول الجوار بشكل عام وتركيا بشكل خاص، فتركيا تمتلك اقتصاداً متنوعاً وامكانيات صناعية، وزراعية، وتجارية، ومائية كبيرة، وتربطها بالعالم العربي والعراق بشكل خاص علاقات دينية وتاريخية وثقافية متميزة، لاسيّما الموقع الجيو- استراتيجي لتركيا الذي يّعد منفذاً لنفط العراق. وفي خضم التطورات التي شهدها العراق وتركيا في مطلع القرن الحادي والعشرين في ظل الأحادية القطبية التي تمثلت بالهيمنة الأمريكية، وما تركته تداعيات العولمة الاقتصادية، فأن تركيا تتطلع إلى أن تصبح قوة اقتصادية وسياسية رائدة في المنطقة، يكون لها دوراً محورياً، بفضل ما تمتلكه من امكانات اقتصادية وصناعية وفنية، وما لديها من خصائص وظروف طبيعية وجغرافية. وفي الوقت الذي استطاع فيه الاقتصاد التركي الذي ظل يواجه العديد من الأزمات الاقتصادية خلال القرن الماضي، الا أنه استطاع عن طريق سياسات الإصلاح الاقتصادي واختيار المداخل الاستراتيجية المناسبة لتجاوز اوضاعه آنذاك، وانطلق السير باتجاه النهوض الاقتصادي، حتى بات الاقتصاد التركي ضمن أكبر (20) اقتصاد في العالم، عن طريق تحقيقه لمعدلات نمو يعتد بها، وارتفاع القدرات التنافسية للسلع التركية في الأسواق العالمية، وارتفاع متوسط الدخل الفردي فيه مقارنة بالدول المجاورة. في حين يواجه الاقتصاد العراقي، تحديات كثيرة منها، عدم القدرة على تحفيز الاستثمار سواء الداخلي منه أم الخارجي، وضعف شديد في البنى التحتية (Infra-structure)، والتدهور الشديد في القطاعات الإنتاجية نتيجة الدمار الذي أصابها، ونتيجة الحرب والاحتلال أو بسبب التخلف التكنولوجي، وتدني مستويات العاملين من الناحية الفنية والمعيشية، وارتفاع نسب البطالة والفقر، ويمكن اختصار تلكم المشاكل بعبارة موجزة هي: أن الاختلالات الهيكلية في مختلف القطاعات الاقتصادية باتت السمة الأساسية للتحديات التي يواجهها الاقتصاد العراقي. وتاريخياً ظلت العلاقات العراقية– التركية موضع تذبذب، حاكمها الاساس المتغيرات السياسية والأمنية بشكل رئيس، والى حد ما موضوعة المياه، إذ لم تدوم على وتيرة واحدة، وبدت الرغبة متوافره لدى البلدين في أن تكون هذه العلاقة متطورة ومتسعة وهو ما تم ترجمته في الاتفاقيات التي عقدت عام (2009) والملاحق الملحقة بها، والتي اريد لها أن تهيئة البيئة المناسبة لبناء علاقات متطورة ببعدها الاقتصادي والسياسي. وبما تتضمنه هذه العلاقة من توافقات بشأن المشاكل التي تواجها، لا سّيما مشكلة المياه والقضية الكردية والنفط. فإن الاوضاع تستدعي ارتقاء العلاقات العراقية– التركية، فحاجة تركيا الى تعزيز نموها الاقتصادي وحاجتها الى النفط والغاز كمصادر رئيسة للطاقة، تدفعها الى السعي لضمان تأمينها الآن وفي المستقبل، بينما يمتلك العراق احتياطات نفطية ضخمة يقدر الثابت منها بأكثر من (112) مليار برميل، وسوق استهلاكية كبيرة في ظل تراجع اداء القطاع انتاجي بشقه السلعي، فضلاً عن الفرص الاستثمارية الكبيرة التي يمكن أن تستحوذ عليها الشركات التركية في إعادة أعمار البنية التحتية المدمرة، نتيجة الغزو والاحتلال الأمريكي– البريطاني عام (2003).