تبدي الصين أهمية كبيرة لعلاقاتها الخارجية مع القارة الأفريقية عموماً والسودان بشكل خاص ، إذ أصبحت من الجهات المانحة والمستثمرة الكبرى بمختلف أرجاء القارة ومنها في السودان ، وتمكنت بكين من رسم صورة إيجابية لها في إفريقيا عموما بسرعة لافتة جعلتها تنافس دول أوربا و الولايات المتحدة على النفوذ، والسودان كأحد أهم الدول الإفريقية بل تعد بوابه إفريقيا الكبرى شكلت وما تزال محط اهتمام الصين كجزء مهم من توجهاتها العامة على مستوى القارة الإفريقية عموما . والصين توغلت أكثر في السودان عام 1995 بعد دخول مؤسسة البترول الوطنية الصينية (CNPC) وهنا وجدت الصين ضرورة توثيق العلاقات بين بكين والخرطوم وترقيتها من العلاقات التقليدية إلى الإستراتيجية ، بعد دخول الشركات النفطية الصينية ، أصبحت الصين تمارس دور أساسيا في مساعدة الخرطوم لتقليل التأثير الدولي للعقوبات الاقتصادية والعزلة لسياسية التي فرضتها الولايات المتحدة على السودان منذ منتصف عام 1990 باعتبارها دولة راعية للإرهاب وفيها انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان ، فالصين وجدت الفرصة مواتية كي يكون لها موطئ قدم في إفريقيا عموما والسودان باعتبارها بوابة أفريقيا الكبرى واستغلت انسحاب الشركات الأمريكية والغربية من السودان وتوغلت بقوة فيها وبالمقابل أصبحت الخرطوم تنظر إلى الصين باعتبارها شريك اقتصادي وبديل مهم للدول الغربية ولها دور وتأثير في السياسة الدولية خاصة بعد معاداة أمريكا لها . والصين في توجهاتها نحو السودان لها أهداف سياسية وإستراتيجية اقتصادية تتعلق بطموحاتها لامتلاك دور موثر وفاعل على الصعيد الإفريقي خاصة بعد ان أدركت أهمية إفريقيا إذا أرادت أن يكون لها دور عالمي فاعل ومؤثر ، وتزايد دورها بشكل اكبر في السودان من خلال مساهمتها الواسعة في قضايا السودان وأهمها دارفور و اتفاق السلام الشامل بين شمال السودان وجنوبه بين عامي 2005 إلى 2011 ، وأخذت الصين مؤخرا تزيد من توجهاتها نحو دولة جنوب السودان بسبب غناها بالنفط وأصبحت تتطلع إلى دور اقتصادي اكبر لمرحلة ما بعد الصراع والمساهمة في إعادة الأعمار لضمان مصالحها الاقتصادية . وعليه الصين تحاول إتباع سياسة خارجية تتصف بالتوازن والثبات نابعة من أهدفها بالحفاظ على مصالحها الاقتصادية اولاً فما تزال العلاقات بين السودان والصين توصف بأنها إستراتجية لكن بعد انفصال جنوب السودان تبنت مبدء توزيع علاقاتها الإستراتجية فعقب انفصال الجنوب عام 2011 كانت رغبة الصين جلية في التعامل مع دولتي السودان على قدم المساواة الأمر وبالمقابل وظفت الصين الرغبة لدى الخرطوم وجوبا من انهما تحاولان استخدام الصين كجزء من أجندتهما المستقبلية لتحقيق مصالحهما أيضا ومن المرجح أن يستمرا على هذا النهج في الوقت الذي يعد فيه الطرفان الصين كوسيط موثوق به،لذا حاولت الصين وفي كل المناسبات توسيع دورها وعلاقاتها مع الخرطوم وجوبا لضمان مصالحها وخاصة النفطية ويمكن ان نستدل على ذلك من خلال مشاركة الشركة الوطنية الصينية للبترول في جميع جولات المفاوضات التي جرت بين حكومتي الشمال والجنوب .