الآثارالأقتصادية والسياسية لقرارات الأمم المتحدة تجاه العراق 1990-2008

number: 
1316
عربية
Degree: 
Author: 
بسمة ماجد حمزة المسعودي
Supervisor: 
الدكتورعبد علي كاظم المعموري
year: 
2011

فقدت الأمم المتحدة في العقدين الأخيرين، الجزء الأكبر من وزنها الذي كان قائماً في ظل نظام التوازن الدولي ومرحلة الحرب الباردة، وكما هو معروف أن ما تبقى من وزن أو دور للأمم المتحدة في ظل النظام الدولي الجديد، قد أصبح ملحقاً من ملحقات الإدارة الأمريكية، فالسفير الأمريكي في الأمم المتحدة يتجاوز على الأمين العام للأمم المتحدة ويصادر دوره وصلاحياته ومجلس الأمن القومي الأمريكي يفرض أملاءاته ووصايته على مجلس الأمن الدولي، ووزارة الخارجية الأمريكية تتدخل مباشرة في شؤون المنظمة الدولية، وكل وكالاتها ولجانها، ووزارة الدفاع الأمريكية هي التي تحدد القضايا والمواضيع التي يعالجها الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهي التي تقرر وحدها ودون تفويض دولي استخدام القوة العسكرية، للمحافظة على الأمن والسلم الدوليين على الطريقة الأمريكية، والمجتمع الدولي الذي تمثله أمريكا وحلفاءها، أصبح بديلاً للرأي العام الدولي ولحرية وإرادة دول وشعوب وأمم الأرض. وباختصار فأن الولايات المتحدة الأمريكية قد جعلت من نفسها فوق الأمم المتحدة، ومن قانونها فوق القانون الدولي، ومن تحالفاتها فوق مبادئ العلاقات الدولية، ومن أمنها فوق نظام الأمن الجماعي العالمي، ولم تترك شاردة أو واردة في السياسة والاقتصاد، وفي الثقافة والمال، وفي السيادة والاستقلال، وفي السلاح والإعلام، دون محاربة أو محاصرة أو احتواء أو تطويع، سواء تم ذلك بالوسائل العدوانية التقليدية المعروفة، أم بوسائل جديدة مبتكرة تخدم الإستراتيجية ذاتها، وبالتأكيد فان الولايات المتحدة الأمريكية التي احتضنت المنظمة الدولية إلام قد فعلت الشيء ذاته، مع كل مؤسساتها ووكالاتها الفرعية والمتخصصة، وتكون أيضاً قد وسعت دوائر الهيمنة والاحتواء على المنظمات الدولية الإقليمية المنتشرة في إنحاء العالم، لكي تشل دورها وتبعدها عن أهدافها وتربطها بعجلة نظامها الدولي الجديد، وقد فعلت الشيء ذاته مع عشرات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من خلال اتفاقيات أمنية وسياسية وعسكرية واقتصادية ثنائية مقيدة لحقوق سيادتها واستقلالها. ومن عام 1990 وحتى عام 2003، وهو عام غزو واحتلال العراق، لم تتحمل الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن مسؤوليتها في حفظ السلم والأمن الدوليين، بل جرى استخدامها بشكل مهين ومباشر، لتهديد امن واستقرار وسلامة دولة عضو في الأمم المتحدة، والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي، والوكالة الدولية للطاقة النووية ومنظمة الأوبك وحركة عدم الانحياز، ولا ننسى أن مجلس الأمن قد أصدر في هذه الفترة عشرات القرارات الجائرة والظالمة بحق العراق. إن قرارات الأمم المتحدة وعقودها الدولية واتفاقياتها الخاصة، بأوضاع الشعوب التي تتعرض للاحتلال، كلها لا تسمح بما أصبح مسموحاً في العراق، وهو عضو مؤسس فيها ومصادق على كل عهودها، ولهذا كان على الأمم المتحدة أن لا تشرعن الاحتلال ولا تدخل مطابخه ولا تسوق إنتاجه، أو تمرر مشروعه التفجيري والتدمير والتقسيم لعضو من أعضائها، صحيح أنها لا تملك القدرة على إيقافه والتصادم معه، ولكنها تملك القدرة القانونية والأخلاقية والمعنوية لنقده ورفض التعامل معه والتمسك بمبدئها القانوني، إن ما أقيم على باطل فهو باطل، والأخطر والاهم فيما يحضر لجهل الباطل حقاً، وفيما بعد لتحويل بلد محتل إلى رهينة دائمة لدى من احتلها، وعبر اتفاقيات ومعاهدات وهمية قد تقبلها الأمم المتحدة، وتودعها ضمن وثائقها المعتمدة!!؟ وتعطيها صفة الشرعية، وهي إن فعلت ذلك تكون قد أوقعت نفسها في فخ جديد، وتكون قد أفقدت نفسها المزيد من المصداقية المفترضة والحيادية المتوارثة، والقدرة على المساعدة في حل إي قضية دولية عادلة. إن المتتبع للأحداث السياسية التي مر بها العراق من 1990-2008، سوف يلاحظ أن ما حدث لم يكن سوى لعبة أمريكية بريطانية برعاية صهيونية، عملت على احتلال العراق وتحطيم بنيته العسكرية والاقتصادية والسياسية من اجل هدف إستراتيجي اكبر قائم على السيطرة على الشرق الأوسط، وكانت البداية من العراق. وتحتل دراسة الآثار السياسية والاقتصادية لقرارات الأمم المتحدة تجاه العراق للمدة من 1990 -2008، أهمية استثنائية ليس في مجال العلاقات الدولية فحسب، وإنما من جانبها القانوني الدولي، ففي الدور الذي لعبته الأمم المتحدة ومجلس الأمن، خاصة إزاء عمليه غزوه واحتلاله لدوله عضو في الأمم المتحدة، ومن المؤسسيين لها، في وقت كان يتعين عليه إن يؤدي دور المحدد في الميثاق من اجل هدفه في تحقيق السلم والأمن الدوليين كما هو محدد ومرسوم له، لا إن يصبح أول من ينتهك قواعد الميثاق الذي أوجده وحدد أهدافه وسلطاته، ورسم إلية عملية في تحقيق الغاية الأساسية التي أوجدت الأمم المتحدة من اجل انجازها. يعد هذا الموضوع من المواضيع الهامة، التي ركز عليها من قبل الدراسات الدولية والقانونية والإنسانية، وتقع المسؤولية علينا في إن نكشف ولو بصورة بسيطة الانتهاكات الخطيرة والتجاوزات التي طالت العراق شعباً وأرضاً وسيادة، ومتجاوزين كافه العروض والوصف المخادع الذي وصفته سواء الإدارة الأمريكية أم وسائل الإعلام أو صناع القرار السياسي، يفيد بأن ما حدث هو تحرير العراق؟. وانطلاقاً من هذه المعطيات كان اختيارنا لهذا الموضوع (الآثار السياسية والاقتصادية لقرارات الأمم المتحدة تجاه العراق خلال الفترة من 1990-2008)، محاولين الكشف عن قرارات مجلس الأمن السياسية والاقتصادية تجاه العراق، وما ألت إليه تلك القرارات من تدمير للبنى التحتية وتجويع شعب كامل وحرمانه من ابسط مستلزمات الحياة، ثم محاولة بيان الإستراتيجية الأمريكية من اجل شرعنه احتلالها ضد العراق، وما أفرزته سياسة الاحتلال من اثأر مدمرة على مجمل الحياة الإنسانية في العراق. ويهدف البحث إلى بيان الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي تركتها العقوبات الدولية على واقع المجتمع العراقي، طوال المدة الممتدة من عام 1990، وهو العام الذي تم فيه اعتماد معظم القرارات التي أضرت بمجمل الحياة في العراق، وبدت انعكاساتها تراكمية مع زمنها الممتدة، بجانب تحديد المسؤولية التي تتحملها المنظمة الأممية تجاه الأمن الإنساني في العراق، والذي تخلت عنه هذه المؤسسة الدولية تحت سوط وقوة الولايات المتحدة الأمريكية كقوة متفردة في العالم.