يرجع تأسيس المجتمع المدني في البحرين إلى بدايات القرن العشرين ويعود الفضل في ذلك إلى الوجود البريطاني الذي كان موجودا آنذاك ،وبعد أن توسع المجتمع المدني وزادت مؤسساته،لجئت السلطة في البحرين إلى وضع القوانين المنظمة لها ويعود إلى تشريع أول قانون إلى عام 1959 ،ولقد وصل عدد مؤسسات المجتمع المدني في البحرين إلى 66 في تسعينيات القرن الماضي ،ولكن بعد تولي الشيخ (حمد بن عيسى)الحكم عام 1999 زاد عدد مؤسسات المجتمع المدني ليصل في عام 2010 إلى 465 وفي جميع الاختصاصات (السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية) فهذا إن دل على شيء يدل على انفتاح السلطة في البحرين تجاه هذه المؤسسات . أن مؤسسات المجتمع المدني في البحرين وعلى الرغم من انفتاح السلطة عليها إلا إن هذه المؤسسات لم تقم بأنشطتها التي يجب أن تقوم بها وبالأخص الجمعيات السياسية وجمعيات حقوق الإنسان ،والسبب وراء ذلك هي طبيعة القوانين التي تشرعها السلطة والتي تقيد عمل هذه الجمعيات ،وبالمقابل لا يمكن اتهام السلطة فقط في إعاقة نشاط هذه الجمعيات فقلة الكوادر والخبرات الموجودة في هذه المؤسسات أدى إلى غياب التخطيط الواعي وبالتالي التخبط في عملها وأنشطتها وكذلك قلة التمويل لعب دور مهم في هذا الجانب،ونتيجة لذلك أصبحت هذه الجمعيات لا تتمتع بأي استقلال عن السلطة بل هي تابعة للسلطة بصورة غير مباشرة عن طريق القوانين التي تسنها والواجب على الجمعيات إتباعها . ولقد شهدت البحرين تطورات كبيرة في جميع المجالات وقد لعبت عوامل داخلية وخارجية دورا في هذه التطورات ابتداء من الضغوط التي مارستها المعارضة وأنتهاءا بما لعبته العولمة من دور في ذلك. ،وأهم التطورات التي حدثت في البحرين هي التطورات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية،ففي جانب السياسي شهد ابتداءً التعديلات الدستورية التي جعلت السلطة التشريعية في البحرين مكونة من مجلسين ،مجلس منتخب (مجلس النواب)ومجلس معين من قبل الملك (مجلس الشورى)وهذا يمثل عودة للحياة النيابية التي انقطعت منذ عام 1975،أما دور مؤسسات المجتمع المدني(الجمعيات السياسية) في التعديلات الدستورية كان دورا معارضا لهذه التعديلات وترى إنها تمثل تراجعا عن دستور( 1973) لذلك قامت بأجراء المسيرات وإعداد العرائض من اجل تعديل هذه التعديلات.ومن التطورات السياسية أيضا إجراء الانتخابات سواء الانتخابات البلدية حيث أجرت أول انتخابات للمجالس البلدية إلى عام (1957) ،أو الانتخابات النيابية والمتمثلة بانتخاب مجلس النواب حيث يعود انتخاب أول مجلس للنواب في البحرين إلى عام( 1973 ) ،وكان دور مؤسسات المجتمع المدني حاضرا عندما سمح للجمعيات السياسية بمراقبة الانتخابات والإشراف عليها،وقد وضعت شروط من أجل القيام بذلك أهمها عدم الانتماء إلى أي جهة سياسية .وجاء تفعيل دور البرلمان في نهاية التطورات السياسية في البحرين حيث أعطي البرلمان (السلطة التشريعية) حقه الدستوري في تشريع القوانين وكذلك القيام بالمهام السياسية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية،وجاء دور مؤسسات المجتمع المدني في العملية البرلمانية من خلال دعم المرشحين للوصول إلى قبة البرلمان . وجاءت التطورات الاجتماعية لتشمل مجالي المرأة وحقوق الإنسان ،ففي مجال النهوض بالمرأة والدفاع وحماية حقوقها فقد شهد هذا المجال تطورا كبيرا واهتماما واسعا من قبل السلطة ذاتها فهي التي مكنت المرأة في كل المجالات وبالأخص في المجال السياسي،وقد كان دور مؤسسات المجتمع المدني في جانب التمكين السياسي ضعيف .ولم يرتقي إلى حجم ومكانة المرأة في البحرين،أما في الجوانب ا(الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية )فقد لعبت مؤسسات المجتمع المدني دور بارز في تمكين المرأة ودفاعها عن حقوقها.وفي مجال حقوق الإنسان شهد اهتمام واسع من قبل السلطة وقد لاقى هذا ترحيب دولي كبير ،ولكن شهد اهتمام السلطة بحقوق الإنسان تراجعا خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة،أما مؤسسات المجتمع المدني فقد اهتمت بحقوق الإنسان بشكل كبير وبدأت هذه المؤسسات ترعى بشكل بارز حقوق الإنسان وبدأت تكشف عن الانتهاكات التي تقوم بها السلطة لذلك بدأت السلطة تتهم هذه المؤسسات بأنها مجرد خطاء تخفي وراءها القوى المعارضة وأنها عميلة للخارج. أما عن التطورات الثقافية فقد صب الاهتمام على التطورات التي حدثت في جانب التعليم لما له من أثر كبير في خلق طبقة مثقفة واعية تعرف مالها وما عليها من حقوق،وكان دور مؤسسات المجتمع المدني دور متواضع في تطوير التعليم . وجاءت التطورات الاقتصادية لتشمل كثير من المجالات (التجارة والصناعة والاستثمار والتطورات المصرفية) فقد شهدت المجالات تطورات مهمة جدا حيث أصبحت البحرين على نحو متقدم في التعاملات المصرفية والتجارة والاستثمار،ولقد لعبت مؤسسات المجتمع المدني دور مهم في التطور التجاري إلا إن هذا الدور لم نجده في بقية المجالات. في النهاية يمكن القول إن مؤسسات المجتمع المدني في البحرين مازالت في طور النمو والتكوين ولم تصل إلى المؤسسات المشابهة في الدول المتقدمة وتحتاج مدة زمنية حتى تستطيع أن تمارس عملها بشكل طبيعي ,فدور مؤسسات المجتمع المدني في البحرين في إحداث التطورات كان دور متذبذب بين الضعيف والقوي.